- < أووووع الصاروخ ...
أنا جاااي >
نظرت خلفي لأري من المتحدث ، ولم يكن غريباً من
رأيت ، فقد رأيت فكري عبيط حارتنا يجري
ناحيتي وهو يهز رأسه في استمتاع ، ويجر خلفه عود قصب ذابل ، ظاناً نفسه قطار لا
يجب الوقوف أمامه ...
منتفش الشعر يجري ، وقد صنع شعره كرة ضخمة مركزها دماغه
نفسها .. تلك الدماغ التي لم تعمل علي ما يرام منذ زمن بعيد ، فقد ارتدي
ملابس غريبة تذكرك بملابس المهرجين ..
فإذا تأملت فيه ، رأيت جاكتته القصيرة المليئة بالثقوب ، والتي تم ترقيعها بقطع قماش من مختلف الألوان
، وأسفلها قميص أسود حالك السواد ، كان ذات يوم ينافس اللبن بياضاً ونظافة ،
وبنطلونه الضيق القصير الذي شمر أخره ليظهر شرابه المتسخ القذر أسفل حذاء برزت
أصابع قدميه منه ، وقد ظن نفسه المسكين إنه بهذه الأسمال يبدو أنيقاً كأبطال السينما
المشاهير ...
جري (
فكري ) نحوي ، وصرخ بأعلى صوته ، وهو يرفع يده اليمني مقلداً تحية ضباط الشرطة :
-
تتتتا تمام يا فندم ، كل شيء عال العال ولكن يا فندم الثوار ناويين يعملوا
..
واقترب
مني وقد اتسعت عيناه ليدل علي خطورة ما يقول ، فجاريته فيما يفعل ،
واقتربت
برأسي منه كاتماً أنفاسي حتى لا أشم رائحته العفنة التي تذكرك برائحة حظيرة
الظربان أو عش الهدهد ، و ..
- (
توووووووت ) ..
كانت
هذه من فكري الذي صرخ بها في أذني بكل قوته حتى كاد أن يخرق طبلتها، فأجفلت من فرط
المفاجئة ، وكدت أن أقع لولا أنني استندت علي سيارة كانت هناك ، وابتعد الملعون
عني في سرعة وهو يضحك ، ولم أسمع منه إلا قوله :
-
( تعيش وتاخد غيرها يا جميل ... نياهاهاهاها )
اشتعل
الغضب في أعماقي لأني وقعت في هذا الشرك التافه ، ولأني جاريت مجنوناً في جنونه
ودفعني غضبي لأن أجري ورائه لألكمه، ولكني آثرت الانسحاب ململماً ما تبقي من
كرامتي ...
وسمعت
ضحكات رواد المقهى الذي حدثت المهزلة أمامه ، وأدركت أنهم سيجعلونني سامرهم حتى
يستجد لهم جديد ، ربما بعد قرنين ...
كنت قد ابتعدت بمسافة عن فكري
وهو ما زال يضحك حتى اقترب من جاري الذي يسكن في نفس البناية التي أسكن فيها ،
ووقف أمامه منتصباً والقي عود القصب بعيداً وقال :
-(
عاوز تعرف أنا كنت باضحك ليه ؟ )
أجابه جاري في بساطة :
- ليه يا فكري ؟!
مال عليه فكري راسماً الجد علي ملامحه ، واقترب من أذنه
وقال :
- عشان ... توووووووت ! وضحكت
عليك .. نياها ها ها ..
وجري مبتعداً عن جاري الذي وقف مشدوهاً يحدق في رواد
المقهى في ذهول ، الذين استغرقوا في ضحك ساخر بعدما تابعوا المشهد كله من أخر
الشارع ...
ومن بعيد ، رأيت فكري يميل علي أذن مار آخر في الشارع
ويفعلها ويجري و ....
فجأة .. وجدت نفسي أضحك وقد راقتني الدعابة ..
(تمت)
ZOKA
عدل سابقا من قبل AnA_Wi_HabibY في 28.07.08 12:56 عدل 1 مرات