صراخ  Plus14
----
صراخ  Minus12

مسالكٌ نَسيرُ الخطى في دُروبِها، و أيّامٌ نَحياها في لحظاتِ مخيلتِنا.. ولكن تبقى صدمة الواقعِ لها وقـعٌ مختلفٌ.
أحبّتي ، و خلاّني.
ذروني أن أكتب خلجات نفسي الحقيقيةِ بينكم كما هي بلا تنميقٍ ولا تزويقٍ..
فمرّة تكون كالسيلِ الجارفِ تدمّرُ ما في طريقِها، ومرّة كماءِ الجداولِ
تروي عطش النفسِ الحزينةِ. فأضع كل ذلك بين أيديكُم. لتقولوا كلمتكُم.
إنّه ليحدوني إليكم ما يكنّهُ القلبُ، وتقرّهُ المشاعرُ... فوجدتُ نفسي
أكتبُ حروفاً ... وكلماتٍ... ومعانٍ مؤلمةً قاسيةً موجعةً. تتزاحمُ و
تضجُّ في أعماقي. تلك الكلمات فما هي إلاّ مجموعة من بقايا دموعٍ وأحزانٍ
تجتاح مساحاتي لتخترق وجودي فأتوسد الهمومَ التي أصبح منبتها مني في
حياتي.
سأكتبُ خلجات و مشاعر ثائرة محترقة بحروفٍ يغلفها القلق و الضجر إلى كل إنسانٍ له قلبٌ أو ألقى السمع و هو شهيدٌ.
أحبّتي ، و خلاّني.
أ مكتوبٌ عليّ معاشرة الأحزان نفساً و فكراً و جسداً، بهذا الصمت الأبدي
خلف حطامٍ من الكلماتِ...آهٍ! فلو كان الجسمُ من حديدٍ لذاب من صهدِ
المواجهة و تفاصمَ ، و لو كان القلبُ من فولاذٍ لأصابهُ الصدأُ و البلى
فتهاوى كجذعِ نخلٍ خاويةٍ و ارتطمَ.
خلف حطــــامٍ من الكلماتِ تراني أعيد شريطاً منَ الذكرياتِ، و وسط
احتباسٍ منَ الهمساتِ صرختُ وأنا أبكي بحرقةٍ صرخةً سمعتها كل الكائنات ما
عدا الذين هم من حولي، على ما فات...أتذكر الماضي وهو يختفي شيئاً فشيئاً.
يا لها من صرخةٍ دَوتْ في أعماقِ وجداني و لكن لا من سامعٍ..
أحبّتي ، و خلاّني.
أحاولُ الآن أن أطرحَ بعضاً من حروفٍ حزينةٍ محاولاً بأسلوبي وصدق أحاسيسي
و مشاعري و ثورة كلماتي، لتكتشفوا أنّ موسىً جارحة داخل صدري منقوشة
بأظافر الزمن الحادة المسمومة التي غرسها ذلك العربي الذي قال لي يوماً،
أنه أخي...
نعم! صرخت، و لكن كان صراخي كذاك الصوت الأصم الذي لا يرجعه صدى.
فصرتُ كالشارد الهائم الذي لم يجد هدىً ... تعبتُ... تعبتُ من الصراخ في
أعماقي، و التشرد في خواطري و خلجات نفسي، فكّرتُ في أن أنامَ وأحلمَ،
فغرقتُ في السراب... انتهتِ الكلماتُ، وانتهى كل شيءٍ...
تسترسلُ بعضُ المشاعر في خواطري ذكريات جميلة... ذكريات تعيدني للماضي
الذي أصبح جزءاً من الخيال، أ تذكر شيئا حزينا فيبكيني، وقد يكون ذلك
الشيء سعيداً فأبكيهِ وأتمنى عودته، لكن ما أقسى اللحظات التي أمر بها
وأنا أتذكر الأشياء الجميلة التي لا تعود.
لقد كتمتُ الغضبَ في جوفي إلى حد الانفجارِ، و من حولي يقرأ وينظر لهمساتي
باستهتارٍ، حتى جفت دموعي عند حاجتي للبكاء، أ هي قساوة الزمن تلتهم مني
أجمل سنوات عمري؟.. أم هي حياة بلا قدرٍ؟.. آهٍ! كم هي قاسية هذه الحياة...
أحبّتي ، و خلاّني.
عندما أشعر أني بلا أملٍ أسير لخواطري وصرخاتي الضائعة و المشوهة بحزنٍ
وألمٍ مطليّ بألوان السهر، أشعر وكأن النجوم تخنقني وأنا أكتب عن ضعفي
ولحظات ألمي بعباراتٍ استوطنتها الظنون وكلماتٍ ضاع فيها المضمون.
أكتبُ مقتطفاتٍ من جنون جنوني وأروي حكاياتٍ عن فقر أحلامي وأحث نفسي
الوحيدة على الصمت، لكي أشرد بأفكاري في بحر الخيال، لكني أتوه بين الواقع
والخيال...
ثمة أحلام تقودني إلى ازدحام متاهاتي فأحاول أن أتجرع كؤوس النسيانِ،
وأحاول أن أترجل عن ذلك الحصان الهرم من الذكريات النائمة.لأمتطي حصاناً
من الواقع أتمنى عدم السقوط منه في أودية أخطائي العميقة. وحين أصحو على
حزن معاناتي أجمع حزن الأحزان وأترجمه فوق أوراقي دموعاً باكيةً، بصراخ
أخرس.
أحبّتي ، و خلاّني.
لم يبق لي سوى خواطري أعود بها من الماضي وألوذ بها من الحقيقة طرحتها ،
لأني أقسمت أن لا أكتب بعد الآن قصائد مدحٍ لأشخاص تاهوا في مستنقعات
الحياة ، ولن أكتبَ عبارات تجعل منَ الكوخِ قصراً، أو كلماتٍ تقنعت
بالابتسام، وأنتظر أن يمطرَ شتائي أحزاناً لتزهر أشجاري آلاماً، وتثمر
جروحاً أبيعها سمّاً قاتلاً انتقاماً من العربِ الذين شردوني والتهموا
أيام عمري، ومن ثم رموني في منفى الحياة ، بهذا الصمت الأبدي الذي لا
ينتهي .