ضوء على كتاب / تاريخ الكورد الحديث / لمؤلفه ديفيد مكدول
( عندما يكون كتاب ما مكتبة )
( عندما يكون كتاب ما مكتبة )
بهذه العبارة الجامعة علق الباحث " إبراهيم محمود " على كتاب " تاريخ ألأكراد الحديث لمؤلفه ديفيد مكدول " , هذا العنوان شدني لقراءة
الكتاب فأيقنت ان الباحث قد اجاد في وصفه " بأنه مكتبة " ولعل ألأسطر ألأولى من تعليقة وتقييمه كان محل اهتمامي ويستحق التعليق , وقبل ان اعلق بشيء على ما كتبه الباحث سأبدأ بكتابة نص من ألأسطر ألأولى من تعليقه في الصفحة ألأولى من الكتاب حيث يقول : عند نشر كتاب ( تاريخ الاكراد الحديث لمؤلفه ديفيد مكدول ) باللغة العربية , سيكون له بالتأكيد , قراء لهم تصوراتهم المختلفة , أستناداً الى اهتماماتهم الفكرية والمعتقدية ولأتجاهاتهم ألأيدولوجية , وستكون هناك , أيضا مواقف من خلال تصنيفات فئوية وذلك على الشكل التالي :
1. فئة تضم الذين يقبلون على قراءته بوصفه الكتاب المنتظر , نظرا لسعة افقه , وبعده التاريخي العميق , ووفرة وثائقه وتنوعها .
2. فئة تضم الذين يتحفظون على قراءته , بأعتباره قادما من " الخارج " من ناحية , ولأن كل كتابة عن الكورد تثير اليوم , وستثير لاحقا اكثرمن تساؤل وحفيظة لها علاقة بالتاريخ والثقافة والجنس والعرق والهوية والسلطة عموما.
3. فئة تضم الذين يتخذون موقفا رافضاً او شبه رافض منه . لأن الكتابة عن الكورد وعلى الصعيد ألأعلامي والعقائدي . ووفقا للثقافة السائدة والمألوفة , وحتى بالنسبة للمعنيين بالكتابة عن تاريخ ألأقوام والقوميات , واصوله المفترضة والموجهة للشعوب المعتبره كاملة الصفات فإنهم يعتبرون الكورد شعبا ليس له تاريخ , وأمة لاتمتلك كل مقومات الثقافة , فهم حين ينظر اليهم , في اطار ما هم فيه ألآن , وماكانوا على هامش التاريخ في مراحله المختلفة يقدرون خاصية ألأمة , وامتلاك سلطة وبناء دولة ........الخ .
والى هنا اكتفي بمقدمة الباحث المكونة من ثلاث صفحات يثبت الباحث ألأستاذ ابراهيم محمود وبأسلوبه المهني ان له القدرة على صياغة التاريخ وان يسلط الضوء على مجمل مسارات الكتاب بحيث يجعل قارئ المقدمة تواقا لقراءة الكتاب ومتابعة محتوياته وصولا الى واقع الكورد الحديث , والحقيقة فإن كل كلمة كتبها إنما تعبر عن وجدان ألأمة الكوردية , ولكن نقطة وحيدة قد اخالف فيها ألأستاذ الباحث عندما يقول ( فئة تضم الذين يتحفظون على قراءته بأعتباره قادما من الخارج ... ) , وقد يكون العكس صحيحا فمعظم المؤرخين والذين كتبوا عن الكورد مثلا من القوميات المحيطة بهم لم تكن كتاباتهم منصفة إطلاقا وكان موقفهم من الكورد استطرادا وتم تهميش دورهم التاريخي ووضعوهم على الرفوف العالية , متناسين دورهم التاريخي وسكناهم في القدم في منطقة سلسلة جبال زاغروس . عليه يكون المؤلف ديفيد مكدول بالتأكيد بعيدا كل البعد عن مناصرة قومية معينة وليس له مصلحة في ذلك . واستطاع ان ينقل الواقع الكوردي المعاصر بشفافية فقد لَملمَ كتب التاريخ واتصل بالأحياء من الشخصيات ووثق المواقف بالوثائق الدولية ليخرج بكتاب في " 733 " صفحة . جعل منها أرشيفا ومكتبة بحد ذاتها وموسوعة تاريخية لحياة الكورد الحديث , مالحق بهم من ضيم وقتل وتغيير في الهوية من تعريب وتفريس وتتريك . لقد ضم خمسة كتب في كتاب واحد مكون من واحد وعشرين فصلا خصص الفصول ألأخيرة منها للمعاهدات الدولية .
ففي الكتاب ألأول بدأ بدراسة قصيرة لكوردستان قبل القرن التاسع عشر ثم لكوردستان العثمانية من 1800 – 1914 , وعرج على دور القاجار والكورد بعدها الثورة والقومية والحرب 1908 – 1918 .
اما الكتاب الثاني فكان بعنوان / ضم الكورد وذلك بإعادة رسم الخارطة لتقسيم كورستان العثمانية والكورد وبريطانيا في العراق , وضم اكراد تركيا , وألأكراد في حكم رضا شاه .
أما الكتاب الثالث / فقد خصصها لموضوع / ألأنثوقومية في ايران
أما الكتاب الرابع / فقد خصصها لموضوع / ألأنثوقومية في العراق , منها ولادة الحركة القومية في ظل الحكم الهاشمي ثم دور الكورد في عراق الثورة وفي الفصل السادس عشر الكورد في ظل حكم البعث 1968/1975 , ونور القرى بمظالم الكورد وماتعرضوا لها ن ألأبادة الجماعية من 1975/ 1988 وأخيرا ألأنتفاضة .
أما الكتاب الخامس والفصول الثلاثة ألأخيرة فقد خصصها لموضوع ألأنثوقومية في تركيا . حيث نور القراء بالحركة القومية الكوردية في تركيا 1946/ 1976 ثم حزب العمال والحركة الجماهيرية .
أما الفصل ألأخير فقد خصصه لكورد المنفى : بناء ألأمة . وقد ختم الكتاب بملاحق متعلقة بكوردستان منها معاهدة سيفر 10 آب 1920 والمواد المتعلقة بكوردستان والملحق الثاني عن كورد سورية . أما الملحق الثالث فلكورد لبنان والملحق الرابع لكورد القوقاز .
فعلا فإن الكتاب يعتبر بحد ذاته مكتبة , وأنا اشكر المؤلف والمترجم الذي ترجمه الى اللغة العربية لتعريف ألأخوة العرب بالقومية الكوردية ومالحق بهم من مظالم من تطهيرعرقي بغيض وخاصة في التاريخ الحديث وفي القرن العشرين تحديدا وحملات ألأبادة الذين تعرضوا لها من استعمال ألأسلحة الكيمياوية وحملة ألأنفال المشؤومة بحقهم وذلك لأن اقوام وشعوب اخرى استغلوا تفوقهم العرقي وتناسوا أواصر الدين والجيرة وكادوا ان يقضوا عليهم بالكامل , ليستوعب القارئ اسباب تشبث الكورد بمطالبهم العادلة وبالحدود الدنيا لضمان حياة كريمة لأبنائها وللحيلولة دون تكرار الماضي والحفاظ على ماتبقى من هذا الشعب المظلوم بتلكم ألأراضي التي تناقصت حتى كادت تنتهي وتضمحل كليا , ليعيش هذا الشعب كأي شعب آخر وينعم بخيراته , واعيد شكري للعاملين على اصداره وعلى تعريف العالم العربي بمحنة الكورد , وكم اتمنى ان يترجم الى اللغات التركية والفارسية لتطلع تلك الشعوب أيضا على ما لحق بهذا الشعب المظلوم على ايدي الأنظمة التي حكمتهم باساليب الغدروالخداع على حساب قومياتهم ومصالحهم الضيقة
